كثر الحديث مؤخرا عن تصريحات وزير العمل الجديد الغفيص بخصوص تقليص القبول في الجامعات السعودية .. الغالبية هاجموا هذا التصريح باعتباره مطالبة بتقليص الفرص امام الشباب السعودي.
الفكرة من وراء التصريح ليست جديدة .. وليست مستهجنة بالكامل .. فهل نحن فعلا بحاجة كل هؤلاء الخريجين من الاقسام الادبية والنظرية ؟؟
نحن لا نتحدث هنا عن خريجي الطب والهندسة والصيدلة او حتى ادارة الاعمال .. نحن نتحدث عن خريجي التاريخ والجغرافيا والاداب وما شابهها من تخصصات نظرية والتي رغم اهميتها الا ان الحاجه الحقيقية لها في سوق العمل محدودة وبالتالي يفترض ان يكون الاقبال عليها محدودا.
لا اعتقد ان احدا يفكر بتقليص المقاعد المطروحه للتخصصات الهندسية والطبية باي حال من الاحوال فمجرد التفكير بذلك جريمة .. الواقع ان عدم التوسع فيها هو جريمة بحد ذاته فالحاجة لهذه التخصصات كانت ومازالت وستستمر كبيرة جدا.
لكن الحقيقه هي ان تقليص القبول في الجامعات للتخصصات النظرية والادبية بهدف زيادة عدد الكفاءات الفنية هو وضع للحصان امام العربة .. من يفضل دراسة التاريخ في الجامعة على الحصول على دبلوم كهرباء لا يفعل ذلك لانه لا يريد العمل كفني كهرباء .. هو يفعل ذلك لان وظيفة فني كهرباء محتله من قبل العمالة الرخيصة ولا توفر له مستوى دخل معقول وامان وظيفي مستدام.
الحل ليس بمنع الطالب من دراسة الجغرافيا .. الحل يكمن في جعل الوظائف الفنية مغرية للشاب السعودي .. عندما تصبح وظيفة فني صيانة توفر دخل مماثل او افضل من وظيفة كاتب صادر ووارد .. سيتوجه قطاع كبير من الشباب مباشرة لدراسة هذه التخصصات الفنية .. لن يتوقف الامر على خريجي الثانوية .. بل حتى خريجي الجامعه الذين لم يتمكنوا من الحصول على وظائف جيده بسبب عدم وجود طلب على تخصصاتهم سيبحثون عن فرص لاعادة تأهيل انفسهم لهذه الوظائف الفنية.
وجود ملايين الوظائف برواتب متدنية من نوع الفين وثلاث آلاف وحتى اربع آلاف ريال لا تكفي لفتح بيت وتولي امر اسرة خلل اقتصادي كبير فلا يمكن لاقتصاد ان يكون سليما وخاليا من التشوهات وغالبية الوظائف فيه لاتوفر الحد الادنى من الدخل الكريم لشاغلها حسب مستويات كلفة المعيشة في البلد.
صحيح ان رفع مستوى رواتب هذه الوظائف المتدنية واحلال سعوديين فيها سيرفع من اجمالي الكلفة على القطاع الخاص وبالتالي سيتسبب في رفع كلفة المعيشة بشكل عام .. لكن مردوده على الاقتصاد ايضا كبير .. المبالغ الاضافية التي سيدفعها المواطن مقابل السلع والخدمات سيتم تدويرها داخل الاقتصاد المحلي ومعها النسبة التي تذهب لرواتب الاجانب.
كل ريال اضافي ستدفعه في ارتفاع كلفة السلع والخدمات بسبب توظيف السعوديين سيعود عليك بالفائدة ومعه فائدة توفير تحويل راتب الاجنبي للخارج والتي تستنزف اقتصادنا بشكل مباشر وتحد من امكانية نموه وتوسعه وستراها تنعكس بشكل مباشر عليك عن طريق ازدهار القطاع الذي تعمل فيه.
فيا معالي الوزير .. لاتضع الحصان امام العربة .. وفر الوظائف وسيأتيك الشباب زرافات ووحدانا افتح الفرص الجديدة امامهم بدل المطالبة باقفال الاقسام في وجوههم.
احمد الحنطي
هيوستن .. تكساس
٩ ديسمبر ٢٠١٦