الانتخابات الرئاسية الامريكية والمرشح الثالث

يكثر الحديث عن المرشح الثالث (وهم في الواقع اكثر من مرشح) في سنوات انتخابية محدده اكثر من غيرها .. مثل انتخابات سنة 2000 التي لام فيها الكثيرون مرشح حزب الخضر رالف نادر وحملوه نتيجة خسارة الديموقراطيين للانتخابات لانه نظريا لو ان الذين صوتوا لحزب الخضر في فلوريدا صوتوا لآل قور لفاز هو بالانتخابات بدل بوش الابن.

ايضا هذه السنه كثر الحديث عن المرشح الثالث نتيجة لوجود نسبة عدم رضى عالية عن كلا المرشحين الرئيسيين مما دفع نسبة من الناخبين للبحث عن مرشح ثالث للتصويت له ولو على سبيل الاحتجاج .. هذا رفع ارقام قاري جونسون مرشح الليبيرتيريان تحديدا بدرجة عالية.

لكن البعض يتسائل .. اذا كانت فرص المرشح بالفوز معدومة .. فلماذا يصوت له احد ؟؟ لماذا يرشح نفسه اصلا ؟؟ وما قصة ال 5% التي يذكرها البعض والتي سبق ان اشرت لها في اكثر من تغريدة سابقة.

صحيح ان هؤلاء المرشحين سواء كانوا عن حزب الليبريتيريان او الخضر او الدستوريين لا امل لهم في الفوز .. فكل ما يأملون بالحصول عليه هو نسبة 5% من الاصوات ولهذا الرقم سر وقصة لنفهمها يجب نفهم جوانب محدده من آلية الانتخابات الامريكية وقوانينها.

الانتخابات الفيدرالية الامريكية سواء كانت على مستوى الرئاسة او الكونقرس او حتى انتخابات الاحزاب الاولية تتم على مستوى الولايات وليس على مستوى امريكا كاملة .. كل ولاية لها قوانينها وانظمتها الخاصة التي تحكم اجراءات الانتخاب لذا يمكن لمرشح ان يكون على قائمة المرشحين للرئاسة في ولاية معينه وليس موجودا في ولاية اخرى .. ليس ممكنا فقط بل ذلك يحصل كل سنه بما فيها هذه السنه ايضا.

انظمة ومتطلبات اشهار حزب والتقدم بمرشح للرئاسة تختلف من ولاية لأخرى .. لذا كل مرشح يسعى لوضع اسمه في جميع الولايات بايفاء متطلبات كل ولايه على حده ضمن الاطار الزمني المخصص لهذا الاجراء .. وغالبا لا ينجح المرشح في ذلك الا بصعوبة شديدة لوجود حاجه لعدد كبير من المتطوعين او العاملين ومصاريف وجهود كبيرة.

الذي يدفع المرشح لخوض كل هذه الاجراءات والصعوبات وكل الجهد المطلوب لتوفير الدعم المادي من المتبرعين هو امله بتحقيق الرقم السحري 5% من اصوات الناخبين .. لان الحصول على هذا الرقم يغير قواعد اللعبه تماما.

عند تحقيق المرشح الرئاسي لاي حزب لهذه النسبة يحصل الحزب على حق التسجيل مباشرة في كل الولايات بدون الحاجة للمرور باجراءات اشهار الحزب وجمع التوكيلات مجددا بغرض تقدم المرشح في كل ولاية على حده.

الامر الثاني والاهم ان الحكومة الفيدرالية تقدم دعم مادي للاحزاب التي سبق لاحد مرشحيها تحقيق النسبة الذهبية 5% .. مقدار الدعم المقدم لا يمثل فارقا في تمويل حملات الحزبين الكبار التي اصبحت تتخطى حاجز المليار دولار لكنها تمثل موردا هاما ودفعة ضخمة للاحزاب الصغيرة التي تسعى لانشاء شبكتها الخاصه في مختلف الولايات لدعم مرشحيها.

لذلك في كل سنه يسعى عدد من الاحزاب لتقديم مرشحين ولذلك يصوت لهم بعض المتحمسين لهم على امل منحهم اشارة الانطلاق الحقيقيه بايصالهم الى حاجز ال 5% المنيع.

لكن السنوات التي تكون فيها المنافسه شديدة يصعب على الاحزاب الصغيرة اجتذاب ناخبين لان الناخب اذا ضمن فوز او خسارة الحزب الرئيسي الذي يسعى لايصاله للحكم قد يفكر بالتصويت لمرشح ثالث لانه يعتقد ان صوته لن يؤثر .. لكن عندما تكون المنافسه شديدة يصبح صوته مؤثرا لذا فهو يخشى من ان تصويته لمرشح ثالث يؤدي لخسارة مرشحه الرئيسي حتى لو كان برنامج وافكار المرشح الثالث اكثر قربا لافكاره .. لذا نرى الليبيريتيريان يصوتون غالبا للجمهوريين كما نرى الخضر يصوتون للديموقراطيين .. فهم على الاقل اقرب لافكارهم.
احمد الحنطي
هيوستن .. تكساس
3 نوفمبر 2016