العشرين سنه الاخيرة شهدت سيطرة حزب واحد على البيت الابيض وكلا مجلسي الكونقرس مرتين .. الاولى كانت للجمهوريين خلال حكم الرئيس جورج بوش الابن في السنوات 2003-2006 .. والثانية كانت للديموقراطيين اثناء بداية حكم اوباما خلال السنوات 2009 و 2010.
العودة الى سنتي 2009 و 2010 وما تلاهما من فترة حكم اوباما يجعلنا نفهم سبب رعب وهلع الجمهوريين من امكانية حدوث ذلك .. تلك السنوات شهدت اقرار قانون الرعاية الصحية الشهير باسم اوباما كير .. كما شهدت التحضير لمشروع قانون اصلاح انظمة الهجرة الامريكية.
الامريكان بشكل عام وبمختلف مشاربهم مجمعين على وجود مشكله في هذين الامرين .. الرعاية الصحية وقوانين الهجرة .. لكن الخلاف كبير جدا على كيفية اصلاح هذا الخلل.
تمرير اوباما كير وبالرغم من كل ما ادخل فيه من تعديلات سواء خلال مراحل الاقرار والتنفيذ او من خلال المحكمة العليا مثل صفعة كبيرة للجمهوريين لم يفيقوا منها حتى اليوم .. منذ اقرار القانون وبداية تنفيذة فعل الجمهوريين كل ما يمكن فعله وبعض مما لايمكن فعله منطقيا لايقاف القانون شاملا اكثر من 40 محاولة في الكونقرس خلال فتره واحده فقط لنقض القانون .. كما ان الكثير من الولايات التي يحكمها الجمهوريين رفضوا التعاون وقاوموا تطبيق القانون لدرجة حرمت بعض الولايات من الحصول على اموال فيدرالية لازمه لتطبيق الرعاية الصحية لكبار السن والمحتاجين.
كل هذه الجهود راحت هباء .. ولكن الجمهوريين مازالوا يأملون بامكانية نقض القانون في الفتره القادمه (2017-2018) وذلك ليس مستحيلا فقط في حالة سيطرة الديموقراطيين على الكونقرس والبيت الابيض .. ولكنه يضمن اصلاح اي خلل موجود في القانون بطريقه تنهي اي آمال للنجاح في نقضه مستقبلا.
الامر الاخر هو قوانين الهجره .. الخلاف شديد جدا بين الجمهوريين والديموقراطيين في هذا المجال .. الديموقراطيين يريدون اصلاحا شاملا لقوانين الهجره يشمل ابوابها الاربعه ويرفضون تماما تمرير قانون لاصلاح باب فيز العمل المؤقته لمرتفعي التأهيل لوحده .. بينما الجمهوريين يريدون تمرير هذا الاصلاح فقط بدون تغيير حقيقي في اوضاع بقية المهاجرين ويغازلون مخاوف بعض فئات المجتمع لتمرير هذا الاصرار.
لم يتمكن الديموقراطيين من تمرير مشروعهم كاملا خلال اول سنتين من حكم اوباما حيث مر القانون من مجلس الشيوخ في وقت لاحق ولكنه لم يطرح للتصويت نهائيا في مجلس النواب حتى هذه اللحظه واوباما مصر على انه سينقض اي قانون خاص بالهجره مالم يكن قانونا شاملا والجمهوريين يعرفون جيدا انهم لا يستطيعون نقض الفيتو لو حدث.
كيف سيكون الوضع لو سيطر الجمهوريين على مجلسي الكونقرس والبيت الابيض خلال السنتين القادمتين ؟؟ سيتمكنون من تمرير مشروعهم لاصلاح انظمة الهجره بسهولة تامه خصوصا ان بعض الجمهوريين مؤيدين لها ولن يمكن نقض ذلك مستقبلا.
خسارة البيت الابيض مع مجلسي الكونقرس في انتخابات نوفمبر القادم تعني حسم معركة قانون الرعاية الصحية التي خسروها لصالح الديموقراطيين بشكل نهائي كما تعني خسارة معركة اصلاح قوانين الهجره التي مازالت سجالا بين الحزبين.
هذا الامر يثير هلع قيادات الحزب الجمهوري خصوصا ان هذين الامرين يمثلا دافعا رئيسيا لتصويت بعض قطاعات المجتمع للجمهوريين .. هذا يفسر بوضوح لماذا يسارع قادة الكونقرس بالقفز من سفينة ترمب في اللحظات الحاسمه رغم انهم تساهلوا مع تمرير ترشيحه سابقا رغم ايمانهم بصعوبة فوزه.
البيت الابيض لم يعد وحده على المحك .. اصبح الكونقرس معه والتهديد بخسارة اهم معركتين للحزب الجمهوري في العقد الاخير واللتان مثلتا دافعا ووقودا رئيسيا لمسيرة الحزب رغم كل المعيقات والفشل الدبلوماسي والاقتصادي للحزب خلال العقدين الماضيين.
بقي ان اضيف ان خسارة الجمهوريين لمجلس النواب بالذات مازالت صعبة التحقيق .. يحتاج الديموقراطيين الى 30 مقعدا اضافيا في مجلس النواب لتحقيق الاغلبية والاحصاءات تشير لقدرتهم على الحصول على 15 فقط .. لكن تسارع الاحداث مؤخرا جعل هذه الامر ممكنا بعد ان كان مستحيلا والجمهوريين يخشون ان يصبح مرجحا في الايام القادمه بعد ان اصبح اليوم ممكنا.
احمد الحنطي
هيوستن .. تكساس
12 اوكتوبر 2016