لماذا عجزنا عن رؤية اختلاف الامريكان

في يوم ٨ نوفمبر عام ٢٠١٦ قام مايقارب ال ٦٣ مليون امريكي بالتصويت لصالح ترمب في الانتخابات الرئاسية .. لايوجد اي شك انه بعض من ال ٦٣ مليون يعتقدون ان ترمب عنصري متطرف في عنصريته ضد كل من لا ينتمي الى صنف البيض المسيحيين .. وانه معادي لكل الاجناس الاخرى .. بعض هؤلاء البعض صوتوا له بالرغم من ذلك .. والبعض الآخر صوتوا له بسبب ذلك .. فهم عنصريين متطرفين يحتقرون كل من لاينتمي الى العرق الابيض.

بعضنا نظر الى المجموعه الأخيرة وبدأ يصدر التحليلات والآراء عن امريكا التي كشفت عن وجهها القبيح .. وان كل الامريكان عنصريين يحتقرون الاعراق الاخرى ويحملون حقدا خاصا على المسلمين.

لكن القصة لم تنته هنا .. صدر يوم الجمعه ٢٧ يناير وبعد اسبوع واحد فقط من تولي ترمب لمنصب الرئاسة الامر التنفيذي الذي فرض تجميدا لبرنامج اللجوء الامريكي وحظرا على بعض جنسيات دول اسلامية من دخول امريكا .. فامتلأت المطارات بالمظاهرات المعارضه وركض المحامين المتطوعين واعضاء منظمات الحقوق المدنية في كل مكان للوقوف بوجه هذا القرار ومقاومته ومساندة المتضررين منه.

هنا ايضا نظر بعضنا لهذه المجموعه وبدأ يصدر الآراء والتحليلات ان هذه هي امريكا التسامح والحرية والمحبة .. وان كل الامريكان متسامحين محبين للآخر يحرصون على حقوقه مع .. او حتى قبل .. حقوقهم.

وفي كلا الحالتين اهملنا الحقيقه الهامه والساطعه .. الا وهي التعدديه والاختلاف .. الغالبية العظمى من الامريكيين يجمعون فقط على الدستور .. ويتنوعون كثيرا حول كل ما عداه .. بل هم يتنوعون حتى في تفسير مواد ومقاصد الدستور .. وهذا ليس ضعفا .. بل مصدر قوه.

ليس غرضي من هذا المقال ان احلل توجهات الامريكيين .. بل ان احاول الاجابه عن السؤال (لماذا غفلنا عن التعدديه الامريكية في كلا الحالتين؟)

الاجابه تكمن باننا نعكس نظرتنا لانفسنا على الآخرين .. كثير منا غير قادر على رؤية التعددية في مجتمعنا .. ونعتقد ان هذا ينطبق على الآخرين كذلك .. من الكلمات المحببه لدينا (السعوديون لا يريدون هذا .. السعوديون يريدون ذاك .. كل السعوديين يرون هذا .. كل السعوديين لا يرون ذاك) وهكذا .. من ردود الفعل المعتاده لدينا ان يشكك الشخص في انتماء الآخر بمجرد ان يختلف معه في الرأي.

هذا التشكيك ليس نتاج عنصرية كما يعتقد البعض .. فهو لا ينفي العنصرية ولا يثبتها .. هو فقط ناتج عن عدم قدرة احدنا على رؤية انه يوجد سعودي آخر يختلف عنه .. هو يجلس في مجلسه .. يحيط به بعض من اقاربه او جيرانه او زملاءه الذين يتشابهون معه كثيرا في الجوانب الاجتماعية والاقتصادية ويقرر بكل برود انهم هم كل السعوديين .. فهو غير قادر على استيعاب ان تجارب واراء السعوديين الآخرين تختلف عن تجاربه واراءه .. لذلك يلجأ للتشكيك في سعودية من يخالفه.

المجتمعات .. ومنها المجتمع السعودي .. فيها الكثير من التعدديه والاختلاف .. فالناس ليسوا صورة طبق الاصل من بعضهم البعض .. وهذه التعدديه ثراء وليست نقيصة .. هي من يعطي المجتمعات عمقها وتميزها ويدفعها نحو الامام .. فقط يجب علينا ان نعترف بهذه التعدديه ونتعلم كيف نحتفل بها ونستغلها بالشكل الافضل.

احمد الحنطي
هيوستن .. تكساس
٣٠ يناير ٢٠١٧